موضوعنا موضوع تربوي أكثر من أن يكون موضوع ديني.
قرأنا الكثير عن التربية وكيف ننشأ لنا جيل ملتزم بأمور الدين وشريعتنا السمحاء لكي نحيا حياة طيبة ونفوز بجنة عرضها كعرض السماوات والأرض أعدت للمتقين.
وتعتبر الصلاة في حياتنا هي عمود الدين , وأول ما يسأل الإنسان يوم القيامة عنه هو الصلاة , فإن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها.
لذلك الصلاة في حياتنا هي من أهم الأمور التي يجب أن نركز عليها ونبني في أنفسنا وأنفس أولادنا من بنين وبنات أهميتها.
وسنستعرض اليوم طرقا جديدة لتعليم الصلاة تعليما حديثا وتعليما قلما نراه في مجتمعنا أو حتى تعلمناه من قبل.
فالكثير منا تعلم الصلاة عن طريق والديه أو الأكثرية منا عن طريق والدته , فقد أخذت معظم أمهاتنا على عاتقهم تعليم الصلاة لأولادهن من بنين وبنات هذه المسؤلية الجسيمة.
ولكن قبل البدأ بالطريقة الصحيحة " في نظري " يجب أن نعلم أن معظمنا يتعلم الصلاة في سن مبكرة قد تبدأ من الثالثة أو الرابعة وهذا ما نراه في المساجد أو في بيوتنا.
والنبي محمد صلى الله عليه وآله قد وجهنا إلى حديث قال فيه " علموا أولدكم الصلاة لسبع وإضربوهم عليها لعشر " ولم يقصد النبي الضرب المبرح أو الإهانة لهؤلاء الأولاد إنما هو ضرب فيه نوع من التوبيخ لعدم إقامة الصلاة وهو في سن العاشرة.
وأنا من الذين يؤمنون أن تعليم الصلاة يجب أن يبدأ بسن السابعة وليس قبل ذلك وإن حالفنا الوقت سنشرح لماذا إختار النبي الأعظم " صلى الله عليه وآله " سن السابعة وليس السادسة أو الثامنة مثلا.
ولكن لكي لا نبتعد عن الموضوع سنسلم بما هدانا إليه معلمنا وقدوتنا " روحي وأمي وأبي له الفداء " الرسول محمد صلى الله عليه وآله.
وقبل بلوغ الطفل " ولد أو بنت " سن السابعة يجب على الوالدين تهيئته للصلاة.
فمثلا عند بلوغه سن الرابعة يستحب من الوالدين تلقينه بكلمة " لا إله إلا الله " , والطريقة أن تتلفظ بها أمام الطفل في جلوسك معه أو مشيك معه لكي يسمعها مرارا وتكرارا .
وعند بلوغه سن الخامسة تضيف لها كلمة " محمد رسول الله " وهكذا عند جلوسك معه عند حديثك معه , كأنما تريد أن يكرر هذه الكلمات بدون أن تأمره بتلفظها. وتحاول أن تضيف لهاتين الكلمتين " الصلاة على وحمد وآل بيته الطاهرين ".
فمثلا عندما تقول " لا إله إلا الله محمد رسول الله " تكمل وتقول " اللهم صلي على محمد وآل محمد ".
وعند بلوغه سن السادسة تبدأ معه في الوضوء , وبداية , لا تأخذه وتعلمه الوضوء كاملا ولا تدخل في تفاصيل الوضوء من أول يوم تريد أن تعلمه الوضوء.
دعه يراك تتوضأ , فعندما تريد الوضوء للصلاة , إرفع صوتك بدون أن توجه له الكلام وقل " أنا ذاهب لكي أغسل وجهي لكي يراني الله نظيفا ".
وبعدها بفتره تلفظ بأنك تريد أن تغسل يديك كذلك لكي يرى الله وجهك ويديك نظيفتين وهكذا تتلفظ بالوضوء وما تغسله من أعضاء الجسم للوضوء أمام الطفل بدون أن تأمره بفعل ذلك العمل.
وبعد فترة تطلب منه أن يأتي معك يشاهدك كيف تكون نظيفا لكي تقابل الله. وبعدها تدريجيا تأمره بغسل كل أعضاء الوضوء في فترة زمنية متباعدة عن بعضها البعض بحيث تأخذ كل السنة " السادسة " من عمره , فقط لتعلم الوضوء.
ولا يلزم أن يتعلم كل التفاصيل التي يحاول الكثير منا أن يتقنها لكي يتوضأ وضوءا صحيحا للصلاة من أول يوم ولكنه سيتعلمها مع الوقت.
وفي سن السابعة من عمر الطفل تبدأ بتعليمه الصلاة.
والطريقة بسيطة جدا , فعند سماعك المؤذن يؤذن , قم وقل بصوت عالي , ............ أنا ذاهب لملاقات الله .
إن الله يناديني ولا توجه له الكلام إنما تسمعه ما تقول .
وبعد فترة , تطلب منه أن يأتي ليقابل الله , فالله يحبه ويريد أن يقابله ويسمع منه ما يريد أن يقوله لله.
فيذهب ويغتسل أو يغسل وجهه ويديه ورجليه أويمسح عليهما ........... وعلى رأسه .......... لا يهم في هذه الفترة , فقط يؤمن أن يكون نظيفا لكي يقابل الله.
وعنما يقف على السجادة ويتجه نحو القبله , حدثه بأن الله الآن يستمع إليه , وإسأله إذا كان يريد أن يطلب من الله شيئا , فالله سوف يعطيه ما يريد ودعه يطلب ما يريد , قد يطلب لعبة أو رحلة , دعه يخاطب الله في وقوفه , يخاطبه هو بعقليته ولغته وفهمه ولا تحاول أن تلقنه ما يقول.
وبعد فترة علمه أن الله سيستمع إليه عنما يبدأ بتكبيرة الإحرام وأن الله ينصت لكل طلب يريده, ومن ثم بعدها علمه ووجه إليه الخطاب وقل له أنه قبل أن تطلب طلبك إقرأ لله سورة الحمد , فالله يحب أن يسمعها منك وهو سيلبي طلبك عندما تقرأ له السورة , ويحبك أكثر لأنك بدأت مناجاته بكلام يحبه الله وبكلام الله.
وهكذا إبدأ معه في كل فقرة من الصلاة , ولا تستعجل ولا تجعله يصلي الصلاة كاملة , فقط يناجي الله وهو واقف , وقد يستغرق ذلك شهر أو شهرين أو أكثر ...... لا بأس .......... فالطفل يستعجل التعليم إذا أنت عجلته ........ فخذ وقتك وتمهل لكي يفهم أن الصلاة هي مناجاة الله وهي نوع من التواصل وسؤال الله لما تريد وليس حركات من ركوع وسجود وقرائة أذكار وإنتهى الأمر........ لا ...... علمه أن الصلاة هي تواصل بينه وبين الذي خلقه وهو الله.
علمه الركوع وقل له الآن فرصة له بأن ينحني لله لكي يحبك أكثر ويلبي طلبك فهو ينظر إليك وأنت راكع منحني له لكي تكسب رضاه.
وفي الركوع إطلب منه أن يطلب ما يريد من الله أو يتكلم مع الله في ما يحب أن يطلب منه ولا تعلمه قرائة الأذكار الآن.
وهكذا علمه السجود وعلمه في السجود أنه إذا بكى وهو ساجد فالله يحن عليه أكثر ويعطيه أكثر وصور له أن الله واقف أمامه يسمعه وهو يبكي لكي يعطيه كل ما يريد وسيعطيه لأن الله لا يخلف وعده لأن الله يجيب كل من يسأله.
وإستمر على هذه الطريق وإستشعر منه أنه يريد أن يتكلم مع الله في كل شيء يريده ويطلبه من الله.
وعلمه أن الله يستجيب لكل طلب تطلبه ولكن يجب أن تطلبه مرارا وتكرارا وتلح عليه في طلبك حتى لو بكيت كثيرا.
وعلمه أنه وكلما ألح في طلبه أعطاك الله أكثر .
وفي هذه الطريقة يبدأ الطفل يعود نفسه على ان الذي يلبي له طلباته هو الله وأنه مع الوقت يجب أن يقول أكثر وأكثر ويطلب أكثر وأكثر.
فالوالدين لديهم ثلاث سنوات من سن السابعة إلى سن العاشرة لكي يعلموا أولادهم الصلاة.
وليس القصد من التعليم هو حفظ الصلاة ومتى يقول كذا ومتى يقول كذا , إنما المهم أنه يفهم أن الذي يستطيع أن يلبي جميع ما يطلبه هو الله.
وأن الله يستجيب لدعائه إذا دعاه الإنسان لكل شيء.
وعلمه أن الله يريدك أيها الطفل أن تلح عليه بطلبك وأن تبكي تتوسل إليه أن يعطيك ما تريد ولا تحاول أن تقول للطفل إطلب كذا أو لا تطلب كذا , دعه يطلب ما يريد وبطريقته , وشجعه على أن يطلب المزيد.
وبعد فترة تساعده في قرائة السورة وطريقة الركوع وطريقة السجود وما تقول في كل قسم من الصلاة من أذكار ولكن لا تحاول أن تستعجل حفظه لكل الأذكار.
فالفترة التي يجب أن يتعلم فيها طويلة " ثلاث سنوات " فلماذا تريدها أقل , فلم يطلب منك أحد أن تعلم طفلك الصلاة في أسبوع أو شهر أو حتى في سنة .
فلم يأمرنا النبي صلى الله عليه وآله أن نعلم أولادنا بأقل من ذلك , فقد أعطانا ثلاث سنوات لكي نعلمهم الصلاة.
والأهم أن تعليم الصلاة يكون نابعا من الطفل نفسه فلا تضغط عليه في التعليم أو تؤنبه لأنه لا يريد أن يصلي , إنما حبب إليه الصلاة , كما تحبب إليه أكل شيء معين يرفضه.
أعلمه وإرفع صوتك أمامه عندما تحاول أن تصلي , وتفوه بكلمات تناجي بها الله ,حاول قدر الإمكان أن تبكي وأنت واقف أمام الله لـتأدية الصلاة , فهو يراقبك ويعيش مع ما يراه من تغير في وجهك وفي بكائك وقد يسألك " لماذا تبكي يا أبي " فقل له , إني خائف , لأني أقف عند إله يعلم كل شيء , يعلم ما أفكر فيه وأنا الآن سأطلب من الله ما أريد لكي أعيش حياة طيبة وأقابل النبي وأهل بيته بعد أن أموت , فليدهم الكثير من الأمور التي أحب أن أمتلكها , بيوت كبيره , كل ما أشتهي من أكل وأشجار وحدائق وغيرها من الأشياء التي يحبها الطفل , لكي نحبب إليه الصلاة لطلب ما يريد.
وهكذا نتواصل مع أطفالنا لمدة ثلاث سنوات , بعدها سيلجأ الطفل إلى الله حتى ولو لم يكن وقت الصلاة.
وهنا نقف معكم وسنكمل الموضوع في حلقة أخرى , لنتكلم عن سن العاشرة عندما يكون الطفل مهيأ لأن يصلي صلاة كاملة وصحيحة وفيها الكثير من الخشوع.
ونسالكم الدعاء